الصراع حول إقامة مباراة الدوري الإسباني في ميامي: بين الطموح التجاري والعدالة الرياضية
73f461d12123f7e7fbbbfe490b50d4f2

الصراع حول إقامة مباراة الدوري الإسباني في ميامي: بين الطموح التجاري والعدالة الرياضية

author image

 





في خطوة أثارت جدلًا واسعًا داخل الأوساط الكروية الإسبانية والأوروبية، أعلنت رابطة الدوري الإسباني عن نيتها إقامة مباراة رسمية من منافسات الدوري بين برشلونة وفياريال في مدينة ميامي الأمريكية خلال شهر ديسمبر 2025. ورغم أن الرابطة ترى في هذه الخطوة فرصة تاريخية لتوسيع شعبية "الليغا" عالميًا وتعزيز عوائدها التجارية، فإن القرار واجه معارضة شرسة من نادي ريال مدريد الذي طالب بتدخل الفيفا واليويفا ووزارة الرياضة الإسبانية لإيقاف المباراة.

خلفية القرار

فكرة إقامة مباريات رسمية من الدوري الإسباني خارج إسبانيا ليست جديدة؛ فقد سبق وأن حاولت الرابطة تنظيم مباراة في الولايات المتحدة عام 2018 بين برشلونة وجيرونا، لكن الضغوط من الفيفا والاتحاد الإسباني حينها حالت دون تنفيذها. اليوم، ومع ازدياد المنافسة التسويقية بين الدوريات الأوروبية الكبرى، تسعى رابطة الليغا لإعادة المحاولة، معتبرة أن السوق الأمريكي يمثل أرضًا خصبة لجذب ملايين المتابعين الجدد وزيادة الإيرادات من حقوق البث التلفزيوني.

موقف ريال مدريد

ريال مدريد عبّر بشكل واضح عن رفضه التام لهذه الخطوة. وأصدر بيانًا رسميًا أوضح فيه أن إقامة مباراة في ميامي تقوض مبدأ "تكافؤ الفرص" بين الأندية، حيث سيُحرم برشلونة من ميزة اللعب على أرضه في كامب نو أمام جماهيره. كما شدد النادي على أن القرارات المتعلقة بمباريات الدوري يجب أن تُتخذ بالتشاور مع جميع الأطراف، لا أن تُفرض بطريقة تخدم مصالح تجارية بحتة.

ويرى ريال مدريد أن نقل مباراة من الدوري المحلي إلى خارج البلاد قد يفتح الباب أمام تغييرات أخرى تمس جوهر المنافسة، وتجعل من الدوري الإسباني أداة تسويقية أكثر من كونه بطولة رياضية قائمة على العدالة والمساواة.

موقف رابطة الليغا

على الجانب الآخر، تؤكد رابطة الدوري الإسباني أن هذه الخطوة ضرورية لمواكبة العصر الحديث لكرة القدم. فالدوري الإنجليزي الممتاز – على سبيل المثال – يتمتع بحضور عالمي هائل، بفضل استثمارات ضخمة وتسويق متطور جعل من مبارياته أحداثًا يتابعها مئات الملايين في كل أنحاء العالم.

وترى الرابطة أن نقل مباراة إلى الولايات المتحدة سيساعد على رفع قيمة "العلامة التجارية" للدوري الإسباني، وسيمنح الجماهير الأمريكية فرصة لمتابعة فرقهم المفضلة مباشرة، ما قد ينعكس إيجابًا على عائدات الرعاية والبث.

موقف الجماهير واللاعبين

الجدل لم يقتصر على الأندية والرابطة، بل امتد ليشمل الجماهير ولاعبي كرة القدم أنفسهم. بعض مشجعي برشلونة اعتبروا أن إقامة المباراة في ميامي حرمان لهم من مشاهدة فريقهم في مباراة رسمية داخل أرضه، بينما رأى آخرون أنها فرصة جيدة للترويج للفريق عالميًا.

أما على صعيد اللاعبين، فإن بعضهم أبدى تخوفه من الإرهاق الناتج عن السفر لمسافات طويلة وسط جدول مزدحم بالمباريات المحلية والقارية، في حين رحّب آخرون بالفكرة معتبرينها تجربة مميزة قد تفتح الباب لتجارب مشابهة مستقبلًا.

موقف الفيفا واليويفا

حتى الآن، لم يصدر قرار رسمي من الفيفا أو اليويفا بشأن هذه الخطوة، لكن التوقعات تشير إلى أن المؤسستين قد تتدخلان، خاصة أن نقل مباراة رسمية خارج النطاق المحلي يتعارض مع اللوائح التنظيمية التقليدية. وإذا تم منع إقامة المباراة، فإن ذلك سيكون بمثابة انتكاسة لمشروع رابطة الليغا التوسعي.

أبعاد اقتصادية وتجارية

من الناحية المالية، تسعى رابطة الليغا إلى تعويض الفجوة الاقتصادية مع الدوري الإنجليزي الذي يتصدر العوائد عالميًا. وتؤكد الدراسات أن السوق الأمريكية وحدها قادرة على رفع قيمة عقود البث بمئات الملايين من اليوروهات سنويًا، وهو ما يشجع الرابطة على المضي في هذا الاتجاه رغم المعارضة.

الخلاصة

يبقى الصراع حول إقامة مباراة برشلونة وفياريال في ميامي مثالًا حيًا على التوتر القائم بين الطموحات التجارية لمؤسسات كرة القدم والحرص على مبادئ العدالة التنافسية التي تقوم عليها اللعبة. وبينما ترى رابطة الليغا أن الخطوة تمثل مستقبلًا جديدًا للبطولة، يخشى ريال مدريد وآخرون من أن تتحول كرة القدم تدريجيًا إلى "منتج تجاري" يبتعد عن روح المنافسة الحقيقية.

ومع اقتراب ديسمبر 2025، ستتجه أنظار عشاق كرة القدم ليس فقط إلى المستطيل الأخضر، بل إلى أروقة المحاكم والمكاتب الإدارية للفيفا واليويفا، في انتظار القرار النهائي: هل تُلعب المباراة في ميامي أم يبقى الدوري الإسباني على أرضه؟


شاركونا آرائكم.